زين العابدين
عدد المساهمات : 24 تاريخ التسجيل : 24/04/2009 الموقع : في ارض الله الواسعة
| موضوع: درنة بين الاصالة والمعاصرة الأربعاء مايو 13, 2009 10:21 am | |
| الاصالة والمعاصرة مصطلحان لم تستطع الحضارة الحديثة بكل ما أوتيت من إمكانات وقوة فكرية وعقلية عقد أواصر المودة بينهما ، فمازال هذان المصطلحان يصطرعان ويتخندقان ويتمترسان تحت مؤسسات ثقافية وعلمية متنوعة ومختلفة ، لكل أنصاره ومعاونيه وحواريه الذين به يحتمون وعنه يذودون ، ولم يقتصر أثرهما على الأدب والفن والفلسفة والعلم بشتى فروعه المعرفية الإنسانية ، بل انتقل الصراع والتصادم إلى دائرة الماديات والمعمار والإنشاء وتخطيط المدن ، حيث ظهرت في الهندسة المعمارية مدارس حداثية وما بعد حداثية متأثرة بطابع الحياة الصناعية والاستهلاكية المعاصرة ، رغم هذا الإنفلات والإنقلاب على الأنماط التقليدية في المعمار والهندسة وتخطيط المدن إلا أن الإنسان بطبعه وميوله الفطرية دائما في حالة توق وحنين إلى الماضي البعيد والقريب والذي يستمد منه جذوره وأصالته الجمالية والمعرفية ، لم يستطع الإنسان الحديث الإفلات من عقال الماضي مهما ادعى من عصرنة وتمدن ، ففي التاريخ أي كان نوعه ماديا أو ثقافيا معنويا ، سلبيا أو ايجابيا ، سنجد فيه الملاذ والمستراح من شبح المستقبل وضغط الحاضر . أيضا لن نجد معارضة من أشد الداعين إلى العصرنة والتحديث العمراني في المحافظة على التراث المعماري سواء أكان هذا التراث بقايا مدن أو تلال أثرية أو قلاع أو حصون أو أسوار أو مساجد أو مدارس أو أبنية أو مقابر أو كهوف في باطن الأرض أو على سطحها أو مدن قديمة أو أحياء تاريخية . وذلك كون هذه المسميات السابقة ترتبط ارتباطا وثيقا وبعرىً متينة لا فكاك منها بما نحن عليه وفيه وإليه ، أي بالماضي والحاضر والمستقبل . وموضوع بحثنا يتعلق بالمدينة القديمة الواقعة بمدينة درنة . وما تعرضت له هذه المدينة من إهمال لا يشبه في صورته ومحتواه إلا العمد . فهذا التدمير شبه المنظم والدراماتيكي في آن الوقت يعجّل بصورة أو بأخرى بقرب القيامة الصغرى للمدينة القديمة ، هذا وقد لاحظت من خلال حديثي مع المهتمين بشأن المدينة القديمة في درنة أنهم أولاً قلة قليلة من الذين بقى فيهم عرق ينبض بحب بل عشق ووله بالمحافظة وإبراز درنة كمدينة لها تاريخ تضرب فيه بنصيب وافر . وثانيا من خلال الحديث معهم أي القلة القليلة أنهم في صراعهم هذا المتعدد الأطراف ، فأحد أطرافه المواطن العادي الذي فقد الحس والوعي بأهمية المدينة القديمة فضلا عن فقدانه الحس والوعي بالمحافظة على مدينته عامة ، والطرف الآخر هو الأجهزة الإدارية والتنفيذية والفنية ذات العلاقة التي تقتلها البيروقراطية. قلت في حديثي معهم لاحظت المرارة التي تنساب في حلوقهم وتنتشر بين ثنايا حروف كلماتهم ، مرارة الإهمال ، مرارة البيروقراطية الإدارية المقيتة ، مرارة ثقافة المواطن ذات البعد الواحد وهو البعد اليومي فقط .
عموما كان هدفنا ابراز المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المدينة القديمة وأسباب تراجع الدور القيمي والتراثي للمدينة القديمة ومن ثم محاولة تلمس حلول والبحث عنها وتقديمها بين يدي الأجهزة الإدارية والرقابية ذات العلاقة والاختصاص . فمذهبنا في هذه الحوارية ليس استخراج المشاكل أو تضخميها ووضعها أمام مرايا مقعرة أو محدبة ؛ إطلاقا ، مذهبنا أن نضع المشكلة كما هي بين يدي القارئ والمسؤول لا تقليل ولا تهويل ، ثم محاولة فتح باب الحوار للبحث عن حلول ناجعة ودعوة أهل الخبرة والاختصاص للبحث والنقاش تدريبا لنا جميعا على البعد الأخلاقي الديمقراطي . | |
|